رياضيات تندوف
مرحبا بك في منتدى رياضيات تندوف تحت اشراف الاستاذ منصور العربي
تفضل بالتسجيل .......ان وجدت صعوبة لا تتردد بالاتصال بنا

رياضيات تندوف
مرحبا بك في منتدى رياضيات تندوف تحت اشراف الاستاذ منصور العربي
تفضل بالتسجيل .......ان وجدت صعوبة لا تتردد بالاتصال بنا

رياضيات تندوف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رياضيات تندوف

موقع تعليمي لكل المستويات
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مواضيع مماثلة
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المجموعة الثانية فروض للمراجعة الفصل الثاني رياضيات 2022
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Icon_minitimeالأحد مارس 20, 2022 7:23 pm من طرف mahmoudb69

» رسالة خاصة الى جميع الاعضاء ....
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Icon_minitimeالأحد مارس 20, 2022 7:16 pm من طرف mahmoudb69

» الوضعية الاولى و الثانية مع الحل مراجعة لاختبار الفصل الثاني رياضيات 2022
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Icon_minitimeالثلاثاء مارس 15, 2022 6:04 pm من طرف الاستاذ:منصور

» مجموعةفروض للمراجعة الفصل الثاني رياضيات 2022
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Icon_minitimeالأربعاء فبراير 23, 2022 2:48 pm من طرف الاستاذ:منصور

» سلسلة الاشعة و الانسحاب مع حلول بعض التمارين
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 22, 2022 7:28 pm من طرف الاستاذ:منصور

» سآل للأستاذ منصور
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Icon_minitimeالإثنين فبراير 14, 2022 2:11 pm من طرف جواد عبد جليل

» نموذج لاختبار الثلاثي الثاني في اللغة العربية
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Icon_minitimeالإثنين أبريل 24, 2017 7:39 pm من طرف joulia asta la mourta

» سجل حضورك بالشهادة لله
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Icon_minitimeالثلاثاء مارس 07, 2017 12:35 pm من طرف mohamed tdf

» نماذج اختبارات العلوم الفيزيائية و التكنولوجيا 4 متوسط الفصل2 مع حلولها
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Icon_minitimeالثلاثاء مارس 07, 2017 10:52 am من طرف الاستاذ:منصور

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الفهرس
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
الاستاذ:منصور - 4335
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Empty 
jesse - 3171
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Empty 
abdelghani22 - 1251
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Empty 
the king of romance - 891
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Empty 
amine lalimi - 869
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Empty 
أمل حياتي 12 - 852
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Empty 
jessica - 817
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Empty 
spartakus - 696
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Empty 
princesse sarra - 593
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Empty 
غزلان - 589
اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Emptyاثر الثورة عل التشريعات القانونية  Empty 
عدد الزوار

 

 اثر الثورة عل التشريعات القانونية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أمل حياتي 12
مشرفة عامة
أمل حياتي 12


انثى عدد الرسائل : 852
العمر : 31
SMS : إجَعـــل ضحًكــــتُك للجَميّـــــــع..
وِلــكـنٌ ٱبّتُسًـــــٱمتُــك.. لشّــخٌـــصِ وِٱحًــ♥️ــــدُ
وِ ٱجَعــل ٱلحًـبّ للجَميّــع..وِٱلعشّـقَ لوِٱحًــ♥️ــدُ
إجَعـــــل ٱلكــــــــل يّحًبّـــــــــك..
وِ لٱ تُحًــــــــــبّ إلٱ وِٱحًـــ♥️ـــــدُ


نقاط : 22509
تاريخ التسجيل : 17/11/2012

اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Empty
مُساهمةموضوع: اثر الثورة عل التشريعات القانونية    اثر الثورة عل التشريعات القانونية  Icon_minitimeالجمعة يونيو 07, 2013 5:45 pm

أثر
الثورة على الدستور والتشريعات القائمة
"الانعكاسات الدستورية لثورة 25 يناير 2011"



بقلم
المستشار الدكتور
عبد العزيز محمد سالمان
رئيس هيئة المفوضين
بالمحكمة الدستورية العليا


تقديم:-
- في الخامس والعشرين من يناير سنة 2011 انفجرت في مصر ثورة شعبية حقيقية، ثورة بدأها الشباب واحتضنها وأيدها الشعب بأسره بجميع طبقاته، وكانت القوات المسلحة خير حام لها منذ إنطلاقها إذ أعلنت أنها لن تكون أبداً ضد الشعب وضد حقوقه المشروعة. وقد وضعت هذه الثورة حداً لاستبداد السلطة الحاكمة التي زرعت الخوف والفساد في ربوع الوطن، لتبدأ مرحلة جديدة ومجيدة في تاريخ الشعب المصرى، مرحلة تغيير أساسى وعميق في حياة الوطن والمواطن.
- ومنذ قيام الثورة وحتى الآن ثارت ولا تزال – مناقشات عديدة بين المتخصصين وامتدت إلى غير المتخصصين تتناول "أثر الثورة على الدستور والتشريعات" وهل يسقط الدستور حتماً بمجرد نجاح الثورة أم أن هذا السقوط يكون بحسب مصلحة كل ثورة ووجهة نظر القائمين عليها، وكذلك بالنسبة للقوانين، هل تسقط أم تبقى، وما شأن القوانين الأساسية (المكملة للدستور) والتي تنظم موضوعات تتعلق مباشرة بالدستور هل تسقط بسقوط الدستور؟ أم تظل قائمة منتجة لآثارها بالرغم من سقوط الدستور؟ وهل سقوط الدستور – إن حدث- يكون بكامل أحكامه أم يقتصر السقوط على أحكام دون أخرى؟
- وما هو المفهوم الصحيح للثورة؟ وهل من أساس فلسفى يبررها أم أنها تستند إلى الواقع؟ وهل يمكن وضع نظرية عامة للثورة تنطبق في كل حال؟ وغيرها وغيرها من التساؤلات التي تحتاج إلى إجابات وقد حاولنا – من خلال هذا الجهد المتواضع – الإجابة على هذه التساؤلات:
- الثورة كأداة للتطوير:
من الأصول المقررة –في علم الاجتماع – أنه كلما تغير فكر الإنسان وهو يتغير دائماً بسبب تغير إدراكه نحو مطالب جديدة فإنه يصبح حتماً أن تتغير الأجهزة أو الأنظمة القانونية والاجتماعية والسياسية التي تحكم حياته وتدور علاقاته في فلكها بالكيفية التي تسمح بتحقق مطالبه وأهدافه.
- فالعالم منذ نشأ وحتى الآن وهو يسير محكوماً بقاعدتين مختلفتين أولهما:- أن تتطور حياة الإنسان تدريجياً وبالطريق الهادئ البطئ في إطار قاعدة القانون النافذة ومن خلالها. وثانيهما:- أن يحدث التطور فجأة وبطريق العنف الثورى وهو يتميز رغم ما قد يحيطه من صراعات وحروب وإراقة دماء واضطراب في العلاقات العامة للناس، بأنه حاكم وسريع في احداث التغيير المطلوب.
- وبمعنى آخر فإن التغييرات الاجتماعية، قد تحدث بالأسلوب الاصلاحى الذي لا يأخذ بالجديد كله ولا يرفض القديم كله، ولكن يأخذ من الماضى ويعدل فيه بالزيادة إليه وهو ما تحاوله باستمرار الطبقات الحاكمة طريقاً لامتصاص السخط المتزايد من جانب الطبقات المقهورة، وسبيلاً تغلق به أمام هذه الطبقات كل احتمالات الثورة وإمكانيتها. وذلك حين تحاول الطبقات الحاكمة أن تنزل بالقوانين من حين لحين على مطالب الجماهير فتمنحها بعض ما تتطلع إليه من إصلاح، وهذا المسلك هو الذي تتخيره الديمقراطيات الغربية.
- غير أن هذا المنطق الإصلاحي في تحقيق التطور بالطريق الهادئ والبطئ لا يكون مقبولاً في جميع الظروف وعند كل الاحتمالات، لسبب قد يرجع إلى السلطة الحاكمة أو لغيرها من الظروف، بل قد تتطور المفاهيم والأفكار التي تتناول العدل الاجتماعى والمساواة والديمقراطية تطوراً لا يتفق من قريب أو بعيد مع النظام السياسي القائم.
كذلك فإن الإصرار والعناد في محاولة تطبيق المفاهيم الجديدة قد يواجه بعناد وإصرار مضادين من جانب القوى المسيطرة والمستفيدة من الوضع القديم، وعندئذ لن يكون مفر من وقوع التصادم العنيف بين هذه الفكرة القانونية الجديدة والفكرة التقليدية فتحدث الثورة.
- وهكذا تأخذ الثورة مكانها كأداة ضرورية للتطور ولتصفية التنظيمات السياسية والقانونية والاجتماعية التي لم تعد تلائم العصر الجديد . (1)
- تعريف الثورة:
الثورة لغة: هي الهيجان والوثب تعبيراً عن عدم الرضا.
الثورة اصطلاحاً: تطور المفهوم الاصطلاحى للثورة فكان يقصد بها في البداية مقاومة الظلم أو إعلان السخط ثم أخذت بعد ذلك مدلولاً سياسياً، ثم تطور لتأخذ مفهوماً اجتماعياً. فلم تعد الثورة تستهدف مجرد تغيير الفئة الحاكمة، بل أصبحت تستهدف تحقيق تغيير جذرى في الأوضاع الاجتماعية بقصد تحقيق حياة أفضل للمواطنين (2) .
فالمعنى الدارج للثورة يذهب إلى أن الثورة حدث أو مجموعة من الأحداث العنيفة التي تقلب النظام السياسي في الدولة، وتحل محله نظاماً جديداً.
لكن الواقع يخالف هذا المعنى الدارج للثورة، والذي يعتبر معنى محدوداً ضيقاً إذ النظام في الدولة لا يقتصر في الحقيقة على مجرد شكل الحكومة أي النظام بمعناه السياسي البحت، وإنما يتكون من مجموعة من الأجهزة الاجتماعية، والإدارية والمدنية والدينية والاقتصادية، بالإضافة إلى الأجهزة السياسية والدستورية، والثورة تحدث تغييراً في هذه الأجهزة جميعاً.
- ولعل التمييز بين الثورة وما قد يختلط بها من مفاهيم من شأنه أن يبرز بصورة أوضح المفهوم الحديث للثورة.
- الثورة والانقلاب:-
- يفرق البعض بين الثورة والانقلاب على أساس القوة التي تقوم بالحركة، فالثورة عمل شعبى يقوم بها الشعب، أما الانقلاب فيقوم به صاحب الحكم أو السلطان كرئيس جمهورية، أو رئيس وزراء أو زير دفاع أو قائد جيش فهو لا يعدو أن يكون تغييراً في شئون الحكم أحدثه بعض ذوى السلطان دون اتباع الإجراءات الدستورية المقررة.
أما الثورة فلا تتحقق إلا إذا كان الشعب نفسه هو القائم بعملية الاستيلاء على السلطة (3) .
وقد انتقد المعيار القائم على التفرقة بين الثورة والانقلاب المستند إلى القوة التي تقوم على الحركة السياسية، ذلك أن الثورة الحقيقية قد تأخذ في بدايتها شكل الانقلاب السياسي وتختلط به، وذلك حين تتصدى قلة واعية من الشعب لعملية فتح الطريق أمام إرادة الشعب الثورية لكن الانقلاب يكون في حقيقته ثورة متى كانت تعبيراً عن ذلك إلى عملية جماهيرية واسعة بالتفاف الشعب حول الثورة، وإنطلاقه في صفوفها وهو يملك ديمقراطياً قدرة فرض إرادته على التغيير.
- كما أن الإنقلاب الذي تقوم به بعض الهيئات الحاكمة أو أية أقلية واعية تسندها القوة العسكرية، كثيراً ما يحاول تغطية نفسه باستعارة مظاهر الثورة الشعبية، ويتم ذلك عادة حين يستشعر القائمون بالانقلاب إلى حاجتهم إلى قدر من التأييد الشعبى يحصلون عليه بطريقة أو أخرى، أبرزها في التطبيق اللجوء إلى طريقة الاستفتاءات الشعبية تحت ضغط السلطة وتحكمها (4)
- وإزاء هذا النقد فقد ذهبت غالبية الفقه إلى أن مرجع التفرقة بين الثورة والانقلاب لا يكمن في مصدر الحركة الثورية أي في الهيئة التي قامت بالحركة، وإنما يجب البحث في الأهداف التي تهدف إليها تلك الحركة الثورية.
فإن كان الهدف هو تغيير النظام السياسي (نظام الحكم) أو النظام الاجتماعى، أو العمل على إعادة تنظيم العلاقات بين مختلف الطبقات الاجتماعية وتغييرها تغييراً خطيراً بتقريب الفوارق بين الطبقات فالحركة في الحالتين السالفتين تسمى "ثورة".
أما إذا كان هدف الحركة هو مجرد الاستئثار بالسلطان فإنها تعد انقلاباً. وبعبارة أخرى فإن الإنقلاب إنما يهدف إلى صالح فرد أو جماعة صغيرة، أما الثورة فتهدف إلى استبدال النظام السياسي أو الاجتماعى (أو هما معاً) طفرة بأنظمة جديدة (5) .
والفارق الجوهرى فى تقديرى بين الانقلاب والثورة يرجع إلى أن الانقلاب يرمى إلى تغيير الحكومة القائمة بالعنف غالباً وإحلال حكومة جديدة محلها. بينما الثورة تنطوى على حركة شاملة لها فلسفتها المرسومة وأهدافها المحددة المعلومة فهي لا تقتصر على مجرد تغيير الحكام، لا تتطلب في المقام الأول تغييراً جذرياً في أصول الحكم وفلسفته ومختلف أساليب الحياة، فالثورة تعمل على بناء الدولة من جديد ولا ينحصر البناء في التغييرات السياسية، وإنما يشمل النواحى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها من شئون الحياة ومعنى ذلك أن الثورة تنصب على كل شيء في الدولة، وتؤدى إلى تغيير مقاييس الحياة، وتجديد مفاهيم الحكم وتعديل وضع الأفراد بالنسبة للدولة.
وإذا لم تتغلغل الثورة في كل هذه الأمور وتعمل على إصلاحها وإقامة حياة أفضل للأفراد من حياتهم السابقة، وإنما تقتصر في غايتها على مجرد استبدال حاكم بآخر، وتعديل في الأوضاع السياسية فقط فإنها لا تعتبر ثورة بالمعنى الصحيح ولا تخرج هذه الصورة عن وصف الانقلاب (6)
- ومن جانبنا نرى أن الثورة تستهدف دائماً تجديد وتغيير شامل لمختلف شئون الدولة وجوانبها ونظمها لكن لا ينبغى أن الهدف هو التغيير لمجرد التغيير ولا أن يكون التغيير تحكمياً غير قائم على فلسفة ومنظور محدد وفقاً لأسس معروف هدفها، ومحسوبة خطواتها، ولا يستجيب لمجرد رغبات فردية، أو نزوات شخصية، أو مطالب فئوية، فلا يصح الاستجابة التامة لكل الرغبات الفردية، ونزوات الأفراد والجماعات المتعارضة والمعارضة لمصالح الدولة العليا فلا ينبغى أن يترك السبيل لكل فرد أو فئة أن يحقق مآربه بالطريقة التي يريدها دون الخضوع لمقاييس محددة ومعايير ظاهرة، لأن ترك الحبل على الغارب للأفراد أمر يؤدي حتماً إلى الفوضى التي لا يمكن أن يصلح معها حال الدولة.
إن الثورة وهي حركة تجديد وإصلاح يجب أن تكون في موقف وسط بين الجمود الذي إذا ترك يؤدي إلى الفناء والفوضى التي إذا تركت تؤدي إلى الهدم لا البناء ولا يصلح معها حال الأفراد والجماعات، فهي تعمل على الإصلاح السريع المعقول الذي يؤدي إلى تحقيق أهداف المجتمع مراعية في ذلك عدم التوقف حتى لا تنجرف عن غايتها المثلى السليمة.
- الثورة والحق في مقاومة الطغيان:-
إذا كنا قد ميزنا الثورة في مقابل الانقلاب، فإن الثورة بما تحدثه من تغييرات جوهرية في المجتمع قد تختلط بمقاومة الأفراد للسلطة الحاكمة محاولة من جانبهم في الحد من طغيانها.
- والحق في مقاومة الطغيان في تعريفه العام هو رد الفعل الاجتماعى للإخلال بالقاعدة الدستورية المقررة وبالحريات الأساسية، إخلالاً على درجة كبيرة من الجسامة. ذلك أن الحكام قد تسوء نيتهم ويسلكون سبلاً تنم عن مخالفة القانون وعدم احترام الأحكام الدستورية المقررة للحقوق والحريات وتنظيم العلاقة بين السلطات التي من شأنها حسن تطبيق قواعد الدستور وعدم وضع اتجاهات الرأي العام موضع الاعتبار. ولمواجهة هذا الوضع يكون للأفراد – في مجموعهم وليس لكل فرد على حده – الحق في تغيير هذا المسلك لتحل الأحكام الدستورية محل الأحكام التي فرضتها السلطات الحاكمة دون سند. ولعدم قدرة الأفراد على التغيير بالطرق والوسائل المقررة سلفاً في الأنظمة الدستورية، يعترف لهم الفقه الدستورى بالحق في مقاومة الطغيان لتقويم مسلك الحكام ووضعهم على الطريق الدستوري السليم، لكن هذا الحق بالرغم من أهميته لا يجد له أسساً قانونية متكاملة يقوم عليها لأنه ليس من السهل على الحكام أن يضمنوا دساتيرهم الاعتراف بمثل هذا الحق الذي يكفل للمحكومين الاعتراض على تصرفاتهم ومقاومة سلطاتهم بالقوة عند الاقتضاء، لذلك كانت الأسس التي يقوم عليها هذا الحق أسساً سياسية أكثر من كونها أسساً واعتبارات فنية قانونية.
- ولقد قامت محاولات فقهية عديدة لتبرير حق الأفراد في مقاومة الطغيان:
ففى البداية كان الاستناد إلى الأساس العقدى لتبرير حق المقاومة باعتبار أن الشعب هو صاحب السيادة، وقد فوض الحكام في ممارسة مظاهرها تحت رقابته في حدود معينة تتمثل في الخضوع للقوانين التي تفرض عليهم احترام حريات الناس وأرواحهم وتحقيق الصالح العام. وبذلك وجب على الحكام أن يلتزم حدود التفويض المقررة في بنود العقد. فإن تجاوزوا هذه الحدود أو انحرفوا عنها جاز للشعب أن يفسخ العقد وأن يسترد التفويض ويعلن العصيان والتمرد.
- البعض الآخر أسس حق المقاومة على اعتبار أن الغاية من السلطة السياسية هي حماية الحقوق والحريات الفردية وأن الخروج على هذه الغاية يبرر خروج الأفراد على الحاكم ومقاومة طغيانه.
- والبعض الثالث يبرر حق المقاومة بفكرة الدفاع الشرعى التى يلجأ إليها الشعب لرد الاعتداء عليه، من جانب الحاكم.
- وذهب آخرون إلى أن الاعتراف بحق الأفراد في مقاومة طغيان السلطات الحاكمة يمثل ضماناً أساسياً فعالاً لحماية القانون ويؤكد التزام السلطة الحاكمة – بالنظام القانونى في الدولة (7).
- ولا شك أن الاعتراف بحق مقاومة الطغيان فيه فائدة واضحة، فهو يحمي الفرد من تعسف الدولة واستبدادها، كما أنه يقيد في نفس الوقت الدولة بطريقة غير مباشرة، إذ يحملها دائماً على احترام الحقوق الفردية والمحافظة على القانون وبذلك تتفادى حدوث انفجار مفاجئ يعصف بكيانها نتيجة تذمر الأفراد وتعبئة الشعور العام ضدها، فضلاً عن ذلك فإن الاعتراف بهذا الحق له فائدة واضحة لتقدم الدولة وازدهارها، فالطاعة العمياء تمكن الحكام أحياناً من الاستبداد وعدم التفكير في الإصلاح، مما يؤخر المجتمع ويعوق تطوره نحو الرقى (Cool .
- الثورة والثورة المضادة:-
تتداول الألسنة في هذه الأيام لفظة "الثورة المضادة" تعبيراً عما يحدث من انتكاسات وفوضى واضطرابات وتظاهرات للمطالبة ببعض المطالب الفئوية المحدودة والمتعجلة فما حقيقة المقصود بالثورة المضادة؟.
الثورة الحقيقة تستهدف إحداث تغيير في النظام السياسي والاجتماعى وأحياناً الاقتصادى، وهذا التغيير قد يحدث بالعنف وقد يحدث بدون عنف تبعاً لقدرة القوى المستفيدة من النظام المنهار ورغبتها السريعة في التسليم بما أحدثته الثورة من تغيير أو مقاومتها وإصرارها على عدم التسليم.
والثورة المضادة باختصار هي حركة عكسية لمنطق التطور التقدمى الذي تحدثه الثورة الحقيقية، وأن هذه الحركة العكسية تهدف إلى استمرار المجتمع القديم بتركيباته وهياكله الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، دفاعاً عن مراكز القوة والسيطرة والامتيازات التي تهددها الثورة الحقيقية بالتغيير الجذرى.
- فالثورة الحقيقية تقوم أول ما تقوم على عمل إيجابي مستمر بقصد إحداث التغيرات اللازمة في التركيبات والعلاقات والمنظمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بما يمكن أن يرتفع بواقع الشعب إلى مستوى أمانيه، لكن التغييرات الثورية وإن تميزت بالسرعة والجذرية، إلا أنها مع ذلك لا تتم ولا يمكن أن تتم فجأة في يوم وليلة وعلى مستوى واحد من العمق والفاعلية.
وهو ما يعنى أن إرادة الثورة محكومة عليها باستمرار أن تدخل سلسلة من المعارك الأصلية والفرعية مع بقايا التنظيمات والقوى السياسية، والاجتماعية الموروثة من عهد ما قبل الثورة وقد يمر وقت ما يطول أو يقصر قبل أن تصفى هذه التنظيمات والقوى القديمة أو أن تتراجع نهائياً وفي الحق فإن الثوار في كل مكان وزمان عليهم أن يكيفوا جهودهم مع حقيقة أنهم إنما يقاتلون في هذه المنظمات والقوى القديمة مراكز تجمع خطيرة لقوى ثورة مضادة، تحاول أن تنتهز الفرصة لتنقض على المجتمع من جديد ولتلغى لحسابها كل ما تم إحداثه من تغييرات.
- وتلجأ الثورة المضادة غالباً إلى المراوغة والتآمر، بل وكثيراً ما تلجأ إلى أساليب الإرهاب السرى، لعجزها عن أن تحصل على الرضا أو التسليم الشعبى بأغراضها، في مواجهة ثورة حقيقية هي بالطبيعة شعبية وتقدمية. كذلك فإنها كثيراً ما تقوم على ائتلاف مؤقت لقوى متعارضة الهدف والمصلحة والطريقة، يجمعها فقط وإلى حين الأمل الكاذب في إمكان وقف المد الثورى الحقيقى أملاً من كل منها في أن تستطيع في غفلة عن القوى الأخرى سرقة الثورة والسيطرة عليها وتحويلها لأغراضها، وكثيراً ما تحاول الثورة المضادة استغلال الجماهير بإغراقها في وهم الوعود علها تتقبلها، وتلتقى معها وتساندها في محاولتها اليائسة لوقف التطور. وتنجح الثورة المضادة أو على الأقل تكون إمكانيات النجاح مفتوحة أمامها في فترات الاضطراب وعدم الاستقرار التي تحاول القوى الرجعية إثارتها بالخوف من التطورات وبث الشكوك فيه (9) .
- كذلك فإن الثورة المضادة كثيراً ما تلجأ إلى الخيانة حين ترتمى في أحضان القوى الأجنبية المستغلة فتبيع نفسها ووطنها.
وتأسيساً على ذلك فإن الثورات الحقيقية مطالبة باستمرار أن تتسلح بالحزم والوعى معاً حتى تستطيع أن تخوض معاركها ضد قوى الثورة المضادة، وهي واثقة من النصر فإن التجربة تثبت كل يوم بأن القوى المضادة للثورة الحقيقية من أصحاب الامتيازات، لا يرضيها أن ترى امتيازاتها تنهار باسم الكفاية والعدل.
كذلك فإذن الثورات الحقيقية مطالبة باستمرار بألا تكتفي بما تحققه قيادتها من انتصار، وإنما عليها أن تعمل على توثيق إرتباطها بالجماهير ديمقراطياً، بما يسمح بتوسيع القيادة الثورية ويخلق قاعدة ثورية أصلية تكون خط الدفاع الأول والأخير للمكاسب الثورية. ولابد لكل ذلك من العمل الدائب الذي لا ينقطع لتوعية الجماهير توعية مستمرة وعميقة تكفل خلق قيادات ثورية متجددة للنضال الشعبى، تقود تطوره وتحميه (10) .
أثر الثورة على الدستور:
بمجرد نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 ثار نقاش فقهى كبير، بل نقاش شعبى امتد إلى غير المتخصصين في القانون الدستورى ... حول أثر هذه الثورة على الدستور الحالى الصادر عام 1971 بتعديلاته التي كان آخرها التعديل الحاصل في عام 2007، وما إذا كان هذا الدستور قد سقط بنجاح الثورة، أم لا زال سارياً انتظاراً لقرار صريـح بسقوطـه ، أم سقط منه نصوص وبقيت أخرى، أم أن ذلك كله رهناً بإرادة القائمين على الحكم؟
- والواقع وقبل الرد على هذه التساؤلات، نريد أن نقول أن الثورة ظاهرة تقود إلى عالم الوقائع (عالم ما هو كائن)، وليس إلى عالم القانون (عالم ما يجب أن يكون) لأنها لا تُحكم بقاعدة أو مجموعة قواعد قانونية سابقة عليها، بل تتم على خلافها. وإذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن أن يكون للثورة تأثير قانونى على قاعدة أو مجموعة قانونية (الدستور) بحيث تلغيها بحكم القانون.
فالدستور قاعدة أو مجموعة قواعد قانونية نافذة المفعول في بلد معين في زمن معين. والثورة ظاهرة عنف تتم على صعيد الواقع ولو كانت إظهاراً لإرادة المواطنين. ولكي يمكن إلغاء قاعدة قانونية يقتضي أن يكون إظهار الإرادة الشعبية قد تم وفقاً للقانون أو سلك إجراءات قانونية محددة من قبل القانون.
ولما كانت الثورة ظاهرة أو تعبير لإرادة غير قانونية فإنها لا يمكن أن تحدث أي أثر قانونى ملغ للدستور (11).
وعلى الرغم مما سلف فإن الفقه في غالبيته العظمى يقر بأثر الثورة على الدستور وعلى التشريعات.
- فقد ذهبت غالبية الفقه المصري والفرنسي إلى أنه بمجرد نجاح الثورة التي تقوم ضد نظام الحكم فإن الدستور يسقط فوراً من تلقاء ذاته ودون حاجة إلى تشريع ما يقرر ذلك السقوط (12) وذلك على اعتبار استحالة بقاء الدستور التي جاءت الحركة الثورية لتخرق نصوصه، ولتحقيق أهداف سياسية، وأحياناً سياسية واجتماعية وفكرية تتعارض معه، فهو يتعارض حتماً مع نظام الحكم الذي تضمنه الدستور القائم. فهدف الثورة – من منظور هذا الرأي – هو القضاء على نظام سياسي معين، ومعنى نجاح الثورة هو سقوط هذا النظام السياسي وفقدانه لقوته القانونية التي يستند عليها وهي الدستور، مما يرتب سقوط هذا الدستور دون حاجة لإعلان هذا السقوط أو النص عليه في أي نص.
- بينما ذهب جانب من الفقه إلى التفرقة بين الثورة التي قامت ضد نظام الحكم وتستهدف إحلال فكرة قانونية جديدة مكان أخرى فمثل هذه الثورة تؤدي بمجرد نجاحها إلى سقوط الدستور فوراً ومن تلقاء ذاته دون حاجة إلى تشريع يقرر ذلك السقوط.
وعلى خلاف ذلك تأتى الثورة التي لم تكن عند قيامها موجهة ضد نظام الحكم، وإنما كانت موجهة ضد فساد أداة الحكم (أي ضد فساد رجال الدولة) فإن الثورة في هذه الحالة لا تؤدي إلى إسقاط الدستور فوراً أو بمجرد نجاحها وإنما يأتي السقوط تدريجياً وبإعلان (13) .
- ويذهب جانب آخر من الفقه إلى أن نجاح الثورة لا يؤدي حتماً ولا بالضرورة إلى سقوط الدستور القائم، بل قد يكون العكس هو الصحيح ويكون احترام الدستور هو أهم أهداف الثورة فلا يمكن في هذه الحالة أن يفرض على الثوار إسقاط الدستور وهم ما قاموا إلا للدفاع عنه وصيانته من التلاعب بنصوصه. وقد يحتاج الثوار أنفسهم إلى بقاء الدستور فترة من الزمن حتى يتم إعلان سقوطه، فلا يصح ترتيب نتائج مجردة على وقائع مادية وظروف حال قد تختلف من بلد إلى بلد ومن ثورة إلى أخرى (14) .
- رأينا في مسألة إسقاط الثورة للدستور:-
ومن جانبنا نرى مع بعض الفقه أن مسألة سقوط الدستور أو عدم سقوطه مسألة على جانب كبير من الأهمية والخطورة ولا يصح أبداً أن تترك للتخمين أو للتكهنات أو للآراء الفقهية التي قد تشتط في هذا الاتجاه أو ذاك وإنما يجب أن يعلن الثوار أنفسهم أو من يتولون الحكم برضاهم أهدافهم، وما إذا كان استمرار وجود الدستور القائم من بينها، أم انه لا يتمشى معها، فسقوط الدستور نتيجة للثورة الناجحة وإن كان هو الرأي الراجح في الفقه إلا أنني أعتقد أنه ليس أمراً حتمياً، وليس لزاماً أن يترتب على نجاح الثورة سقوط الدستور، فقد يكون هدف الثورة المحافظة على الدستور وحمايته من عبث الحكام، فكيف يفرض الفقه على رجال الثورة إسقاط الدستور وهم ما قاموا إلا لصيانته كما ذكرنا.
فالثورة – في كل الأحوال – هي عمل شعبي يترتب عليه ما يريده الشعب عن طريق القوامين من أبنائه – على الثورة بما يثبت أركانها ويدعم بنيانها ويحقق أهدافها ويعود على البلاد بالخير في شتى مرافق الحياة (15) .
- وقد سايرت الثورة المصرية التي قامت يوم 23 يوليه 1952 هذه الوجهة من النظر إذ أعلن قادة الثورة في صبيحة ذلك اليوم أن الجيش كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور....
وظل الدستور قائماً حتى العاشر من ديسمبر 1952 حيث أصدرت قيادة الثورة إعلاناً دستورياً تضمن سقوط دستور 1923 لأنه أصبح لا يتمشى مع الأوضاع والأهداف الجديدة. وقد عرض هذا الإعلان الدستورى لحالة البلاد قبل الثورة، ومدى ما وصلت إليه من فساد وانحلال نتيجة لحكم الملك واستهتاره، وقيام حياة سياسية معيبة وحكم نيابي غير سليم وخضوع البرلمان للسلطة التنفيذية وهذه السلطة كانت تخضع بدورها لملك غير مسئول كان يتخذ من الدستور مطية لأهوائه ويجد فيه من الثغرات ما يمكنه من تحقيق أغراضه غير المشروعة مستعيناً في ذلك بأولئك الذين كانوا يقومون بحكم البلاد ويصرفون أمورها.
وذكر الإعلان الدستوري أن الثورة عندما قامت نتيجة للأسباب سالفة الذكر لم يكن هدفها مجرد التخلص من الملك، وإنما كانت تستهدف الوصول بالبلاد إلى ما هو أسمى مقصداً وأبعد مدى وأبقى على مر الزمن، من توفير أسباب الحياة الكريمة التي ترتكز على دعائم الحرية والعدالة والنظام حتى ينصرف أبناء الشعب إلى العمل المنتج لخير الوطن وبنيه، وبعد أن بدأت حركة البناء وشملت كل مرافق الحياة في البلاد من سياسية واقتصادية واجتماعية أصبح لزاماً أن تتغير الأوضاع التي كادت تودي بالبلاد والتي كان يسندها ذلك الدستور الملئ بالثغرات.... ولا مناص حتى يمكن تحقيق هذه الأهداف وأداء الأمانة التي حملها رجال الثورة من إلغاء دستور 1923، ووضع دستور جديد يمكن للأمة أن تصل إلى هدفها حتى تكون بحق مصدر السلطات.
وانتهى الإعلان إلى إسقاط دستور سنة 1923 وتأليف لجنة تضع مشروع دستور جديد يقره الشعب، ويكون منزها عن عيوب الدستور الزائل ومحققاً لآمال الأمة في حكم نيابي نظيف سليم (16) .
- وقد اعتنق قضاء مجلس الدولة هذا الرأي القائل بعدم سقوط الدستور نتيجة لقيام الثورة وذلك بالنسبة لدستور سنة 1971 المعدل وموقف ثورة 25 يناير 2011 منه:
فقد قضت محكمة القضاء الإدارى في الدعوى رقم 21798 لسنة 56 ق في حكمها الصادر بجلسة 16/3/2011 أن :
" الإعلان الدستوري الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتاريخ 13/2/2011 قد تضمن في البند السادس منه تشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور، ونفاذاً لذلك أصدر المجلس الأعلى القرار رقم 1 لسنة 2011 بتشكيل لجنة تتتولى دراسة إلغاء المادة 179 من الدستور وتعديل المواد 76، 77، 88، 93، 189 منه، وكافة ما يتصل بها من مواد ترى اللجنة ضرورة تعديلها لضمان ديمقراطية ونزاهة انتخابات رئيس الجمهورية ومجلس الشعب والشورى، وبعد انتهاء هذه اللجنة من عملها أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة القرار المطعون عليه بدعوة الناخبين للاستفتاء على تلك المواد وحدد لذلك يوم 19/3/ 2011 وبالتالى فإن هذا القرار قد صدر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة باعتباره سلطة حكم وليس سلطة إدارة بحسبان أنه لا خلاف على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد أصبح قائماً على إدارة جميع شئون الحكم في البلاد بإقرار وتأييد صريح من ثورة الخامس والعشرين من يناير سنة 2011 وجموع الشعب المصري وذلك بعد أن انحازت القوات المسلحة إلى صفوف هذه الثورة وأصبحت نسيجاً وجزءاً منها .... وأنه لا محل في هذه الدعوى للقول بان الدستور قد سقط بقوة الثورة، وأنه ما كان للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يصدر قراراً بتعديل بعض مواد الدستور دون اتخاذ إجراءات وضع دستور كامل للبلاد، فذلك قول مردود من ناحية بأن الأمر لا يتأتى الخوض فيه إلا إذا كانت المحكمة مختصة بالفصل في الدعوى، ومن ناحية أخرى فإن ذلك القرار صدر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بناء على الثقة التي منح إياها من الثورة وبتأييد من الشعب لاتخاذ كافة القرارات والإجراءات اللازمة لتسيير أمور البلاد سواء في ذلك باعتباره سلطة حكم أو سلطة إدارية، بما يؤدى إلى استقرارها وأمنها.
- وعلى نحو أكثر وضوحاً وقطعاً وتأييداً لرأينا القائل بأن الدستور لا يسقط بنجاح الثورة وإنما مرد ذلك إلى الشعب والقائمين على أموره من الثوار أو ممن رضى عنهم الثوار والشعب .
قضت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 17/3/2011 في الطعون أرقام 20855، 20857، 20896 لسنة 57ق. عليا بأنه "مع وقوف المحكمة على وجهة النظر المطروحة أمامها حول مدى سقوط الدستور، فإن القول الفصل في هذا إنما مرده إلى الشعب مصدر السلطات والذي منح المجلس الأعلى للقوات المسلحة شرعية اعتلاء منصب الحكم في البلاد، دون أن يسقط بعد ذلك الإعلان الدستوري الذي صدر عن هذا المجلس ونشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 13 فبراير 2011 والذي تضمن تسعة بنود تتصل جميعها بشئون الحاكم ومنها ما تضمنه البند "6" من تشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور وتحديد قواعد الاستفتاء عليه من الشعب، الأمر الذي يعني أن الشعب التفت عن تبني نظرية سقوط الدستور موليا إرادته شطر تعديل بعض مواده خلال الفترة الانتقالية المحددة بالبند "2" من ذلك الإعلان الدستوري، وأنه لما كان ما تضمنه البند "6" المنوه عنه قد جاء خلواً من تحديد أي مدى لما يكون محلاً للتعديل من مواد الدستور، فمن ثم فإن المرجع وجوباً وبطريق الحتم للشعب ولرقابته فيما يتعلق بهذا المدى، خاصة وأن البند "1" من الإعلان الدستوري تضمن بصريح عبارته تعطيل العمل بالدستور، وفي ضوء ذلك وجمعاً بين بندى هذا الإعلان (1، 6) لا تكون ثمة إرادة شعبية قد اتجهت نحو سقوط الدستور، بل تجسدت إرادته في تعطيل العمل بأحكامه وهو أمر موقوت بطبيعته لا ينفى البتة وجوده وبقاء أحكامه بما يجوز أن يكون محلاً للتعديل من قبل الشعب صاحب السلطة الوحيد في مثل هذا التعديل.
وأنه مما يجدر ذكره في هذا الصدد أن الدستور يتضمن من الأحكام نوعين، أحدهما يتعلق بالمقومات الأساسية للمجتمع وحقوق الأفراد وحرياتهم، ويتبع ذلك بحكم اللزوم المبادئ الأساسية التي تنظم السلطة القضائية وما يخص حجية ما يصدر عنها من أحكام ووجوب النزول على مقتضاها وانحناء الكافة حكاماً ومواطنين لحجيتها، وثانيها: يتعلق بتنظيم السلطتين التشريعية والتنفيذية ورئاسة الدولة دون اعتراض من الشعب على ما قرره، فإنه من غير الجائز بحال أن تكون الأحكام المتعلقة بالمقومات الأساسية للمجتمع، وحقوق وحريات الأفراد محلاً للتعطيل، لأنها أحكام وإن تضمنها الدستور إلا أنها تعلو فوقه باعتبارها من طبيعتها لصيقة بالمواطن لا تقبل وقفاً أو تعطيلاً أو انتقاصاً.
- الأحكام الدستورية التي تكون محلاً للسقوط كأثر للثورة:-
إذا كان مصير الدستور يتوقف – كما ذكرنا من قبل – على إرادة الحكام الجدد باسم الشعب كما هو الحال بالنسبة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر أبان ثورة 25 يناير سنة 2011 فهذا يعني أن جميع القواعد التي تتضمنها الوثيقة الدستورية يتوقف أمر إلغائها أو إبقائها على مشيئة من وصل إلى سدة الحكم. والدستور يتضمن القواعد الدستورية المتعارف عليها والتي ترد عادة في الوثيقة الدستورية، كما قد يتضمن في بعض الأحيان بالإضافة إلى القواعد الدستورية – قواعد قانونية عادية لا تتصل بنظام الحكم والإلغاء سواء كان صريحاً أو ضمنياً قد يرد على الوثيقة بكامل أحكامها وقد يقتصر على أحكام بذاتها دون غيرها.
وأياً كان وجه الرأي في ورود الإلغاء على هذه القواعد القانونية أم عدم وروده فإن الأمر المستقر عليه في الفقه أن سقوط الدستور عقب نجاح الثورة لا يمس من القواعد الدستورية إلا ما يتعلق فيها بنظام الحكم وما عداها من أحكام يظل باقياً.
- وعلى وجه الخصوص يظل باقياً رغم السقوط:
1- المبادئ المقررة لحقوق الأفراد وحرياتهم لأن هذه الحقوق لا تتصل بالتنظيم السياسي للدولة. وهذه المبادئ المتعلقة بالحريات واجبة التقديس لأنها استقرت في الضمير الإنساني بحيث أصبحت أسمى من النصوص الدستورية الوضعية وتعتبر دستوراً فوق الدستور، ومن ثم فإن سقوط الدستور نتيجة الثورة لا يترتب عليه المساس بحريات الأفراد وحقوقهم. كما ورد النص على هذه الحقوق والحريات في ميثاق دولى هو الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذي أقرته الأمم المتحدة في 10 ديسمبر سنة 1948 وبذلك أصبحت مبادئ الحرية والحقوق الفردية مقررة في نصوص وضعية دولية تجعلها أسمى من الدساتير وغير مرتبطة بوجودها أو إلغائها (17).
2- لا تمس الثورة القوانين التي تعتبر دستورية من حيث الشكل فقط والتي لم ينص عليها في الدستور إلا لكي تكتسب قدسيته وثباته، فمثل هذه النصوص لا تعد دستورية بحسب طبيعتها لكنها وصفت بذلك لمجرد وضعها بين نصوص الدستور ومثالها النصوص المتعلقة بمجالس المديريات (المحافظات) في ظل دستور 1923، ومثالها في دستور 1971 المواد 19، 20، 21، 22 التي تتناول التربية الدينية واعتبارها مادة أساسية في مناهج التعليم، ومجانية التعليم ومحو الأمية وحظر إنشاء الرتب المدنية. وكل ما تفعله الثورة بمثل هذه النصوص انها تنزع عنها صفتها الدستورية وتنزل بها إلى مرتبة القوانين العادية بحيث يسرى عليها ما يسرى على القوانين العادية ويطلق على هذه العملية "نزع الصفة الدستورية" أو التجريد من الصفة الدستورية بسبب الثورة.
- على أن التجريد من الصفة الدستورية لبعض النصوص الواردة بالوثيقة الدستورية لا يتم – في رأينا – إلا إذا كان الدستور قد سقط بصورة تلقائية ضمنية غير صريحة، أما في الحالة التي يصدر فيها قرار صريح يلغى بموجبه الدستور، فلا يمكن أن نفرق –عند هذا الإلغاء – بين نصوص دستورية موضوعية ونصوص دستورية شكلية، فكل النصوص تكون محلاً للإلغاء – ومن ثم فإن نظرية التجريد من الصفة الدستورية لا تعمل إلا في حالة الإلغاء الضمني عند من يقولون بالسقوط التلقائى للدستور بمجرد قيام الثورة.
- أثر الثورة على القوانين العادية:
يكاد يجمع الفقه على أن الثورة أو الانقلاب لا أثر لهما على التشريعات بمختلف أنواعها. فالقوانين، كالقانون المدنى، والتجارى، والجنائى، والإجراءات الجنائية، وتشريعات الأحوال الشخصية وغيرها من القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية في الدولة لا تتأثر بسقوط الدستور نتيجة للثورة وإنما تظل هذه القوانين قائمة ونافذة ومنتجة لجميع آثارها إذ أنها لا تتعلق بالتنظيم السياسي للدولة، وليست الثورة موجهة ضد هذه القوانين، كما أن بقاؤها يعد نتيجة منطقية لمبدأ مقرر ومسلم به وهو استمرار الدولة وخلودها على الرغم من تغير نظام الحكم فيها.
فالقوانين العادية لا تلغيها الثورة، وإنما تظل قائمة ومطبقة حتى يتم إلغاؤها بالطرق العادية لإلغاء القوانين، وذلك بصدور قوانين جديدة من السلطة التشريعية تقرر إلغاءها صراحة أو ضمناً.
- أثر الثورة على القوانين المكملة للدستور:-
يذهب جانب من الفقه إلى أن حكم القوانين المكملة للدستور (القوانين الأساسية) يختلف عن حكم القوانين العادية، باعتبار أن القوانين المكملة للدستور (القوانين الأساسية) تعد جزءاً من النظام السياسي الذي قامت الثورة من أجل إحداث تغيرات جذرية فيه فإنه يسرى عليه ما يسرى على الوثيقة الدستورية ذاتها، فإذا أراد القائمون على الثورة الإبقاء على الدستور كإطار يستطيعون التحايل على أحكامه لخدمة أهدافهم، بقى الدستور- رغم نجاح الثورة – وبقيت معه القوانين الأساسية، حتى يلغى الدستور صراحة أو ضمناً، فتلغى بالتبعية له هذه القوانين. أما إذا لم يعلن رجال الثورة عن رغبتهم في الإبقاء على الدستور أو انتهكوا أحكامه ولم يستندوا إليه فإن معنى ذلك انقضاء الدستور وكذلك القوانين الأساسية المكملة له، متى كانت هذه القوانين صادرة نتيجة تكليف من المشرع الدستوري (18) .
ونحن من جانبنا لا نساير هذا الرأي ونرى أن القوانين المكملة للدستور شأنها شأن القوانين العادية ويسرى عليها حكمها فلا تسقط بسقوط الدستور وإنما تظل قائمة ومطبقة حتى يتم إلغاءها بالطرق العادية المقررة لأنها لا تتعلق بنظم الحكم ولا تتصل بها وإن كان يشترط لدستوريتها (في مصر) أن يوافق عليها مجلس الشورى، وهو أمر لا يغير من طبيعتها ولا يلحقها بالدستور.
- أثر الثورة على المعاهدات الدولية وإلتزامات وحقوق الدولة:-
تأخذ المعاهدات الدولية قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة، وهذا بالنسبة للمعاهدات التي يبرمها رئيس الجمهورية، أما تلك التي تتطلب موافقة مجلس الشعب عليها (وهي المتعلقة بالصلح والتحالف والتجارة والملاحة والمتعلقة بحقوق السيادة أو التي يترتب عليها تعديل في أراضى الدولة) فهي لا تأخذ هذه القوة ولا تعتبر قانوناً إلا بعد موافقة مجلس الشعب عليها.
فالمعاهدات هي في جميع الأحوال قانون تأخذ حكم القانون من ناحية فلا تتأثر بالثورة ومن ناحية أخرى فهي التزام من الالتزامات التي تكون الدولة طرفاً فيها.
والدولة كشخص قانوني مستمرة لا تتأثر بتغير الأشخاص الممثلين لها إذ أن لها خاصية الدوام والاستمرار وهي تستهدف أغراضاً تتجاوز – في بعض الأحيان - عمر جيل بذاته من أجيال شعبها، أغراض تبقى رغم زوال الأفراد وتغيير الحكام.
- وخاصية دائمية الدولة واستمرارها يرتب الفقه عليها نتائج هامة فيما يتعلق بالمعاهدات الدولية والحقوق التي تثبت للدولة:
1- فالمعاهدات والاتفاقات التي تعقدها الدولة مع غيرها من الدول تظل قائمة وواجبة النفاذ ما بقيت الدولة، بغض النظر عن التغيير الذي يمكن أن يحدث في أشخاص ممثلي الدولة والمتحدثين باسمها.
2- الحقوق التي تثبت للدولة في مواجهة الغير، وكذلك الالتزامات التي تتعهد بها الدولة لصالح الغير تبقى واجبة النفاذ للدولة أو عليها أياً كانت التغيرات التي تصيب الشكل الدستوري وتؤدي إلى تغير أشخاص الحكام أو تعديل في أسس النظام السياسي.
- ويؤكد الفقه أن هذه النتائج تستند إلى حجة قوية مستقرة وهي ضرورة احترام الحقوق المكتسبة للغير، إذ أن الالتزامات والحقوق التي تعقدها الدولة مع الدول الأخرى ليست في واقعها إلا ديوناً أو حقوقاً في ذمة الشعب أو له، والشعب يتمتع بخاصية الدوام والبقاء دون نزاع مهما تكن التغييرات التي تصيب نظامه السياسي وأشكاله الدستورية (19) .
- ورغم استقرار الفقه الدستوري على هذه الحقائق، فلابد أن نقرر أمراً واقعياً بعيداً عن التكييف القانوني هو أن مسألة استمرار التزامات الدولة وحقوقها هي مسألة سياسية أكثر منها قانونية تتوقف كثيراً على ظروف الثورة وظروف الحكومة التي شكلت في أعقابها.
والفقه يشترط لاستمرار نفاذ التزامات الدولة في عهد ما بعد الثورة شرطين جوهريين:
1- أن تكون هذه الالتزامات قد تولدت في ذمة الدولة بالطريق القانوني الصحيح. أي أن تكون هذه الالتزامات وليدة أعمال السلطات المختصة بها دستورياً وان تكون هذه السلطات قد باشرت هذه الأعمال طبقاً للإجراءات الشرعية المقررة لذلك.
2- أن تقرر حكومة الثورة الاعتراف بهذه الالتزامات، وأن تفصح عن إراداتها في احترامها واستعدادها للوفاء بها (20) .
- ولقد أحسن المجلس الأعلى للقوات المسلحة - الذي تولى إدارة البلاد عقب تنحي رئيس الجمهورية عن منصبه – صنعاً حين أورد في الإعلان الدستوري الأول الذي صدر عنه بتاريخ 13 فبراير 2011 ونشر بالجريدة الرسمية بالعدد (6 مكرر) في ذات التاريخ في البند رقم (9) منه أن "تلتزم الدولة بتنفيذ المعاهدات والمواثيق الدولية التي هي طرف فيها" .
- نظام الحكم بعد الثورة (الحكومة الواقعية):-
تتم الثورة دائماً خارج الإطار القانوني والدستوري، فلا يوجد نص في الدستور أو في التشريعات ينتظم أحكام الثورة، لأنه إن وجد تشريعاً بهذا المعنى فإنه يحمل في طياته معاول هدمه، فأساس شرعية الثورة لا يمكن أن يبحث عنه في مجال القانون الوضعي، إنما يجب أن ينصرف البحث عن ذلك الأساس إلى دائرة القانون الطبيعي.
فالواقع فقط هو الذي يحدد وضع الثورة بعد نجاحها ويحكم لها أو عليها، ولا قيمة للتنظيم القانوني الذي يسبق الثورة ويحدد حالاتها ويبين مشروعيتها أو عدم مشروعيتها (21) .
- وعقب الثورة تنشأ حكومة "واقعية مؤقتة" وقد سميت كذلك لأنها لا تتلقى تفويضاً شرعياً، وإنما تستمد سلطتها في البداية من الواقع. وأغلب الحكومات التي تقوم نتيجة لحركات ثورية هي حكومات واقعية لأن رجال الحكم لم يتقلدوه بعد إتباع الإجراءات والأوضاع التي نص عليها الدستور. كذلك فإن الحكام الجدد لا يباشرون سلطاتهم طبقاً للشروط والأوضاع التي قررها الدستور والقوانين (22) .
- فحكومة الواقع هي حكومات فعلية لا تعتمد في وجودها على قاعدة قانونية.
- خصائص حكومة الثورة:-
للحكومات الواقعية أو الحكومات التي تعقب قيام الثورة صفتان متلازمتان هما:
1- أنها حكومات مؤقتة:-
فهي تتولى السلطة مؤقتاً إلى حين عودة النظام النيابي بعد وضع دستور جديد.
أما في حالة انتخاب جمعية نيابية تأسيسية لوضع الدستور فإن حكومة الثورة (الحكومة الواقعية) تسلم ما بأيديها من السلطة إلى تلك الجمعية التأسيسية أي أن حكومة الثورة تنتهي مهمتها بمجرد قيام تلك الجمعية التأسيسية التي تعد الهيئة الممثلة للأمة صاحبة السيادة، كما تعد أعلى هيئة وبيدها أكبر وأسمى سلطة في البلاد. فبعد انتخاب الجمعية التأسيسية تصبح السلطة التنفيذية خاضعة خضوعاً تاماً لتلك الجمعية.
2- أنها حكومة تركيز للسلطة:-
فالحكومة التي تشكل عقب نجاح الثورة تجمع في قبضتها دائماً السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولذلك فهي عادة حكومة ذات صبغة دكتاتورية وهذا هو ما يذكره رجال الفقه الدستوري الفرنسي جميعاً، وهذا ما جرت به سنة التاريخ وتقضي به طبيعة الأشياء (23) .
- وتفرض هذه الصفة الدكتاتورية على الحكومة الواقعية ظروفاً وضرورات يأتي في مقدمتها الخشية من حدوث حركة ثورية أو انقلابية معادية للثورة.
كما أن الإصلاحات الجديدة التي تريد حكومة الثورة إدخالها يغدو أمر تحقيقها أكثر يسراً وسهولة لو أننا جمعنا إلى سرعة إصدار القرارات، إمكان سرعة التنفيذ فالإجراءات البطيئة اللازمة لنظام يسوده مبدأ فصل السلطات، لا وجود لها تحت ظلال الحكومات الواقعية، فضلاً عن ذلك فإن الدستور هو الذي يحدد أو يستطيع أن يحدد كيفية توزيع السلطة بين الهيئات المختلفة داخل الدولة، وتركيز السلطة يأتي نتيجة حتمية لعدم وجود دستور (24) .
- الإعلان الدستورى ومدى إلزاميته:
يفرق كثير من الفقه بين الإعلان الدستوري وبين الدستور على اعتبار أنه في ظروف الثورات تضع الثورة إعلاناً دستورياً أو أكثر لتنظيم أمور البلاد ريثما يوضع دستور ويتميز الإعلان الدستوري بأنه يوضع بمعرفة السلطة الحاكمة ولا يلزم الاستفتاء عليه من جانب الشعب ويتضمن مواداً محددة تشمل أمهات المسائل الدستورية دون تفصيلات كثيرة تترك عادة للدستور الذي يوضع فيما بعد.
وإذا كان الإعلان الدستوري يوضع بإرادة منفردة من جانب حكومة الثورة أي السلطة التي تتولى إدارة البلاد في مرحلة ما بعد الثورة. فما الذي يسبغ عليه الإلزامية طالما أن الشعب لا يستفتى عليه عادة؟
الإجابة علي ذلك تكمن في شرعية حكومة الثورة.
فالحكومات الواقعية أو الفعلية التي تنشأ بعد الثورة تكون حكومات مشروعة تستمد مشروعيتها من مشروعية العمل الثوري الذي تأسست على مقتضاه، ومن ثم فإن تصرفاتها تكون دائماً صحيحة ونافذة في مواجهة ما يعقبها من حكومات دستورية (25) .
- وحتى تستوفى حكومة الثورة شرعيتها وتغدو تصرفاتها صحيحة وخاصة ما يصدر عنها من إعلانات دستورية أو تشريعات يلزم أن يتوافر فيها أمران هامان:
1- أن تحوز هذه الحكومة السلطة فعلاً في كامل إقليم الدولة.
2- طاعة الشعب لأوامر الحكومة الواقعية.
ذلك أن السلطة العامة الشرعية تتميز بخاصية أنها ظاهرة نفسية، تعتمد على رضا الخاضعين لها وتقوم عليهـا. ولا يهم الشكل الخارجي لهذا الرضا حيث يستوي أن يمنح الشعب هذا الرضا في عمليات الانتخاب أو الاستفتاء، أو منحه بالصمت والخلود إلى السكينة والانصراف عن مقاومة الحكومة القائمة، كذلك لا يهم سبب الرضا التلقائى، والرضا لمجرد التسليم بسبب العجز عن المقاومة، والرضا المتولد عن الضغط وعنصر الخوف. لكن الذي يهم في هذا المجال ، ألا يعتمد الرضا على أساليب الإكراه المادية المفروضة بالقوة على المحكومين.
وفي سبيل إيجاد معيار واقعي للرضا يذهب الفقه إلى أنه متى كانت الحكومة الفعلية قادرة على فرض النظام وعلى جباية الضرائب، وعلى ضمان تنفيذ أوامرها فهي حكومة بالمعنى الكامل تحظى برضا الشعب ويحوز ما يصدر عنها صفة الإلزام (26) .
- شرعية حكومة ثورة 25 يناير 2011 (المجلس الأعلى للقوات المسلحة):
لا نقصد بهذا العنوان الحكومة بمعناها الضيق (مجلس الوزراء) وإنما نقصد القائمين على الحكم أي المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
فإذا طبقنا المبادئ السالفة على حكومة الثورة نجد أنها حكومة تقبض على السلطة وتحوزها حيازة كاملة على كامل إقليم الدولة المصرية، ويطيعها الشعب بكامل طوائفه، طاعة تستند إلى الرضا بها وبما تحدثه من إجراءات وما تصدره من تشريعات ومن بينها الإعلانات الدستورية. فالمجلس الأعلى للقوات المسلحة أصبح سلطة حكم شرعية تقوم على رضا الشعب بإقراره وتأييده الصريح للثورة وانحياز القوات المسلحة إلى صفوف هذه الثورة بحيث أصبحت نسيجاً وجزءاً منها – وبالتالي أصبح الكلام حول شرعية ما يقوم به المجلس الأعلى للقوات المسلحة في حكم البلاد خارج نطاق الجدل.
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) في التفاصيل يراجع د. طعيمة الجرف: ثورة 23 يوليو ومبادئ النظام السياسي في الجمهورية العربية المتحدة سنة 1968 مكتبة القاهرة الحديثة صـ 17 وما بعدها.
(2) د. رمزى الشاعر: النظرية العامة للقانون الدستورى سنة 1983 دار النهضة العربية صـ 825 وما بعدها.
(3) يراجع في التفرقة بين الثورة والانقلاب د. عبد الحميد متولى: القانون الدستورى والأنظمة السياسية. الطبعة الثالثة صـ 72 وما بعدها. د. رمزى شاعر المرجع السابق صـ 829 وما بعدها د. طعيمة الجرف: المرجع السابق صـ 51 وما بعدها.
(4) د. عبد الحميد حشيش: محاضرات في ثورة 23 يوليو سنة 1952 طبعة 164/ 1965 صـ 19 وما بعدها.
(5) د. عبد الحميد متولى: المرجع السابق صـ 73 وما بعدها.
(6) يراجع د. محمد كامل ليلة: القانون الدستورى سنة 1971 دار الفكر العربى صـ 94 وما بعدها.
(7) في التفاصيل د. رمزى الشاعر المرجع السابق صـ 714 وما بعدها. د. طعيمة الجرف: القانون الدستورى – مكتبة القاهرة الحديثةصـ 234 وما بعدها.
(Cool د. محمد كامل ليلة: نظرية التنفيذ المباشر 1962 – دار الفكر العربى صـ 574 وما بعدها.
(9) د. طعيمة الجرف: ثورة 23 يوليو – المرجع السابق صـ 49 وما بعدها.
(10) د. طعيمة الجرف: المرجع السابق صـ 50.
(11) يراجع د. منذر الشاوى: القانون الدستورى سنة 1981 – منشورات مركز البحوث القانونية – بغداد صـ 316.
(12) د. سليمان الطماوى: النظم السياسية والقانون الدستوري سنة 1988 دار الفكر العربى صـ 113 وما بعدها. د. سعد عصفور المبادئ الأساسية. د. محمد رفعت عبد الوهاب: القانون الدستوري – منشأة المعارف بالاسكندرية صـ 112 وما بعدها.
(13) د. عبد الحميد متولى: المرجع السابق صـ 83 وما بعدها.
(14) د. رمزى الشاعر: المرجع السابق صـ 846 وما بعدها.
(15) د. محمد كامل ليلة: المرجع السابق صـ 110، د. منذر الشاوى المرجع السابق صـ 321 د. طعيمة الجرف: ثورة 23 يوليو المرجع السابق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اثر الثورة عل التشريعات القانونية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بحوث - دروس - مذكرات - محاضرات - كتب في العلوم القانونية.
» عاجل عاجل.. الثورة الجزائرية ستنطلق يوم 1 اوت 2011

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
رياضيات تندوف :: الفئة الأولى :: قسم طلاب الجامعة :: قسم العلوم القانونية و الادارية-
انتقل الى: