مبدأ إقليمية القانونين :
المقصود بمبدأ الإقليمية :
يقصد بهذا المبدأ سريان القاعدة القانونية على كل ما يقع داخل الدولة وعلى كل الأشخاص الموجودين فيه، فيخضع لحكم هذه القاعدة كل من المواطن والأجنبي
ويقابل كل هذا المعنى عدم سريان هذه القاعدة القانونية في خارج حدود الدولة فإذا قلنا مثلا أن القانون الجزائري إقليمي التطبيق فإنه يترتب ذلك على مايلي :
I- أنه دون سواه يسري على كل ما يقع في الإقليم الجزائري، وعلى كل الأشخاص الموجودين فيه بغض النظر عن جنسياتهم .
II- أنه لا يمتد إلى خارج الإقليم الجزائري، حتى ولو تعلق الأمر بالجزائريين فإنهم يخضعون لقانون الدولة التي يقيمون فيها .
أساس مبدأ الإقليمية :
يسند مبدأ السريان الإقليمي للقاعدة القانونية إلى فكرة سيادة الدولة على إقليمها، مما يعد معه تطبيق تشريعات الدول الأخرى على ما يقع في إقليمها إعتداء على سيادتها، لذا يعتبر تطبيق قانون الدولة في إقليمها على كل الأشخاص الموجودين فيه من أهم مظاهر السيادة، وعليه فإن للدولة أن تفرض النظام الذي تريده على جميع القاطنين في إقليمها ويعتبر حق الدولة في السيادة على إقليمها نتيجة طبيعية لوجودها، فالدولة لا يكون لها وجود إلا على إقليم معين، والإقليم هو أحد أركان الدولة، وهو مكان وجودها .
مبدأ شخصية القوانين :
المقصود بمبدأ الشخصية :
يقصد بهذا المبدأ سريان القاعدة القانونية على الأشخاص المنتمين إلى الدولة، سواء كانوا موجودين على إقليمها أم كانوا مقيمين في خارج هذا الإقليم، وعدم سريان هذه القاعدة على المنتمين للدول الأخرى حتى ولو كانوا مقيمين في إقليمها، فإذا قلنا مثلا أن القانون الجزائري شخصي التطبيق فمعنى ذلك مايلي :
أ- أنه يطبق على الجزائريين ولو وجدوا خارج الإقليم الجزائري .
أنه يسري على الأجانب ولو وجدوا بالجزائر .
أساس مبدأ الشخصية :
يقوم مبدأ السريان الشخصي للقاعدة القانونية على أساس ما للدولة من سيادة على رعاياها أينما وجدوا،وذلك نظرا للعلاقة التي تربطهم بها، وهي علاقة لا تتقيد بمكان معين، بل تتسع لتشمل جميع الأمكنة التي توجد بها أحد من رعاياها، فهؤلاء الرعايا هم الذين وضعت التشريعات من أجلهم ومن ثم يجب أن يخضعوا لها حيثما وجدوا، ويعتبر حق الدولة في السيادة على رعاياها نتيجة طبيعية لكون هؤلاء الرعايا يمثلون عنصر الشعب في الدولة التي لا تقوم لها قائمة بغيره فالدولة كيان بشري وليست مجرد كيان إقليمي .
مبدأ التطبيق العيني للقانون :
يقضي هذا المبدأ بسريان القانون الوطني على الأشخاص أو الأفعال خارج إقليم الدولة
سواء كان مرتكبوها وطنيين أو أجانب، وذلك بالنظر إلى نوع الجريمة لهذا يسمى هذا المبدأ بالتطبيق العيني للقانون إذا أخذ بعين الإعتبار جنسية الأشخاص مرتكبي الجريمة، بل يأخذ فقط بعين الإعتبار نوعا معينا من الجرائم، فإذا كانت الجرائم تخل بأمن الدولة واقتصادها، كجرائم التزوير في النقود والأوراق الرسمية فيطبق القانون الوطني بصددها ويعد هذا المبدأ استثناءا من مبدأ إقليمية القوانين لأن الجريمة ترتكب في الخارج ولكن يطبق عليها قانون البلد المتضرر أو الذي كان من الممكن أن يتضرر منها، ويعد أيضا إستثناءا من مبدأ شخصية القوانين إذ يطبق قانون الدولة المتضررة على المجرم سواءا كان أجنبيا أو وطنيا .
مجالات تطبق القانون في المبدأين :
مدى السريان الإقليمي للقانون الجزائري :
الأصل في القانون الجزائري هو سريانه إقليما:
أكد تقين العقوبات الجزائري مبدأ السريان الإقليمي بنص صريح هو ينص الفقرة الأولى من المادة الثالثة منه، فطبقا لهذا النص فإن تعينين العقوبات الجزائري يسري على كل الجرائم التي ترتكب في الجزائر بغض النظر عن جنسية مرتكبها جزائريا كان أو أجنبيا، وبصرف النظر عن جنسية المجني عليه وبصرف النظر أيضا عن طبيعة الجريمة، وبمفهوم المخالفة فإن هذا التقين لا يسري على ما يرتكب من جرائم خارج الإقليم الجزائري، وقد سار المشرع الجزائري بهذا المبدأ على ما يسير عليه سائر مشرعي دول العالم .
ويجد مبدأ السريان الإقليمي لقواعد تقنين العقوبات منطقة في سببين :
-أولهما نظري: وهو أن القانون الجنائي بإعتباره أداة كل دولة في فرض سيادتها داخل إقليمها وتأمين الحقوق الجديرة بالحماية للمجتمع وأفراده، يعد أحد مظاهر سيادة الدولة على إقليمها .
-وثانيهما عملي: وهو أن مكان وقوع الجريمة هو أنسب مكان لمحاكمة المتهم، بسبب توفر أدلة إثبات الجريمة فيه، كما أن إعتبارات تحقيق الردع العام تدعوا إلى صدور الحكم في مكان وقوع الجريمة كما أن مبدأ التطبيق الإقليمي للقانون يستفاد من نص الفقرة الأولى من المادة الرابعة من التقنين المدني الجزائري .
أضف إلى ذلك أن التقنين المدني هذا جاء بتطبيقات لمبدأ السريان الإقليمي للقانون فيما يتعلق بالعلاقات المشتملة على عنصر أجنبي، منها مثلا إخضاع الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى لقانون موقع العقار، وإخضاع شكل العقد لقانون بلد إبرام العقد .
الإستثناءات الواردة على مبدأ الإقليمية :
لو أخذنا بمبدأ الإقليمية على إطلاقه لما قام تنازع بين قوانين دول مختلفة إذ حينئذ تطبق كل دولة قانونها في إقليمها ولايمتد سريان هذا القانون إلى لأقاليم غيرها من الدول، غير أن هذا الفرض لا يمكن أن يتحقق في العالم اليوم إذ لا وجود لدولة تعيش في عزلة عن الدول الأخرى، بحيث لا يوجد على إقليمها غير مواطنيها ولا يوجد أحد من مواطنيها على إقليم دولة أخرى .
ولو أخذ بمبدأ الشخصية لأدى ذلك إلى تعارض مع ما للدولة من سيادة على إقليمها إذ يسمح هذا التطبيق للأجنبي بان يخالف القواعد المتعلقة بالنظام العام والآداب في الدولة التي يقيم فيها، مما يتعين معه أن يحتفظ بقانون الدولة بنطاق معين يطبق فيه دون غيره من قوانين الدول الأخرى .
وتأسيا على ما تقدم، فقد تم الأخذ بالمبدأين معا كل منهما في نطاق معين، فنشأ تنازع بين قوانين دول مختلفة،وإزاء التعارض الحتمي بين مبدأي الإقليمية والشخصية كان لابد لأحدهما أن ينتصر، وما دامت الدولة لا تملك سلطة حقيقية إلا على إقليمها فإن مبدأ الإقليمية هم الذي إنتصر على مبدأ الشخصية غير أن هذا الإنتصار لم يكن حاسما نظرا لما قلنا من تقدم البشرية وإزدهار وسائل المواصلات والإتصال وقد أسفر ذلك عن بقاء مبدأ الشخصية ولو بصورة محتشمة إلى جانب مبدأ الإقليمية، فأخذت تشريعات الدول الحديثة بمبدأ إقليمية القانون كأصل، وجعلت من مبدأ السريان الشخصي للقانون إستثناء، وذلك هو مسلك القانون الجزائري .